السبت، 14 سبتمبر 2013

الشذوذية الجنسية، ما بين اللعنِ والاباحة

إذا لم تكن قد قرأت رواية عمارة يعقوبيان للروائي المصري علاء الأسواني بعد، أو أيا من الروايات المماثلة التي تنقل إليك نتفات من حياة الشاذ النفسية والمادية، فرجاء اقرأ احداهن قبل المثول امام هذه التدوينة.

قبل أن أطلق حكمي النافذ على الشذوذية، أود أن اسرد "على استحياء" أنواعها المختلفه:
أنواعها عده، ومن أشهرها المثليه-لدى الذكور أو الإناث-ومن أكثرها انتشارا الاشتهائيه-اشتهاء صفات معينة في الشريك-ومن أخطرها السادية وخليلتها المازوخية-تختصان بالميول التعذيبيه-ومن أحقرها الفيتشيه-التعلق بأجزاء بعينها من جسد الشريك-ومن أبسطها وأهونها التسفيل، ومن أنواعها أيضاً الغلمانية-الممارسة الجنسية مع الأطفال-والتحرشية-غنية عن التعريف في مجتمعنا العربي-والاستنماء-يطلق عليه أيضاً كـ "مُسمى تاريخي"، العادة السرية-وغيره مما لم نُحط به علماً من الأنواع المختلفة التي تعكس مدى غرابة التكوين الإنساني وبشاعته.

أرى أن، البشر أجمعين ميالون للشذوذ، منهم من يكتفي به فكراً ومنهم من ينتهي به فعلاً، وهم فيه أيضاً متدرجون فمنهم من تدنى لمراحل تتخطى الوصف، ومنهم من اكتفى بخلجة نفسيه في ساعة صفو زاهية.

الشاذ حسبما أرى مريض في حاجة ماسّه للشفاء، له على المجتمع حق، حق الإعانة والمواساة، على المجتمع أن يقدر قيمته كانسان، على المجتمع أن يوفر له سبل الشفاء، وألّا يكل أو يمل في سبيل تلك الغاية النبيلة، في سبيل شفاء المريض!

أما كيفيات علاجهم، فليست هذه التدوينة بمحل تفنيدها، ولعل الله يتيح لنا أن نستطرد في سمات العلاج أواناً لاحقاً.

المجتمعات العربية مجتمعات فاشية، تسب وتلعن اهل الشذوذية أينما ثقفتهم، كأنما ذاك هو دواء الداء الذي يُظن من جراءه الشفاء، فتباً لهذه المجتمعات التي تحتقر مريضاً لمرضه، بدلا من أن تُصغي لآلامه وآهاته فتعينه وتؤهل له مخرجاً من جحره الذي سقط فيه لما بادروه بالإهمال ثم عابوه بالافشال وامروه بالامتثال لازدرائهم من دون وعي بما سيخلفه ذلك في نفسه من الأنين والكره الذي سيدفعه دائماً للانتقام منهم إما بابقائه على ممارساته والتزيد منها أو بنشرها بينهمو كي لا يظل وحده المقبور بظلمات الجهل المتفشية في مجتمعه.

أما المجتمعات الغربيه فـ "حكايتها حكاية"، تلك المجتمعات تدعي أن الشاذ معافى وأن له الحق في التنعم بممارساته الدنيئة الخارجه عن الفطرة، إي نعم الفطرة، فالفطرة ما يسبب النسل لأن النسل عمارة للكون التي هي من بديهيات الأهداف الإنسانية، أما ما عدا ذلك فهو حقاً خروج عن الأصل بل انحراف عنه، ولا داع له، ولا مناص من ضرورة التخلص أو الحد منه على أدنى تقدير.

قد يُخلق أحدنا معاقاً، أو تُصيبه إعاقة ما في طفولته، أو على كبرٍ، حينها يتصرف المجتمع الناضج القويم معه تصرفاً علاجياً تنموياً يحفظ من خلاله كرامة المعاق ويستعيده إلى حظيرة الإنتاج المجتمعية، أما المجتمع الرجعي فهو إما يهين ذلكم المعاق لإعاقته-كما أهل المشرق-أو يصب في خيالات المعاق أوهاماً بأنه طبيعياً وأن حالته تلك ليست باستثناء-كما نرى لدى الغرب "المتحضر"-وكلا الطريقين يزيدا "الطين بلّة" ويهددا الأفراد قبل تهديدهما للمجتمع، فالأفراد حينئذٍ إما مقموعون أو مخدوعون.

أخيراً،
أود أن ألفت انتباه سعادتكم إلى ان بعض مرضى الشذوذية قد ولدوا بحالات فسيولوجية أو سيكولوجية أدت بهم للشذوذية، ومنهم من مارسها في الصبا فنشأ عليها، ومنهم كذلك من "تعلمها على كبر"، وأحيط علم سيادتكم بأن سيكولوجية وفسيولوجية الشاذ تدعم افعالة-بحسب ما توصل اليه العلم الحديث، عليكم بمراجعة الأبحاث العلمية المنشورة بخصوص هذه الظاهرة(2) -لذا فهو هو، وهو ليس بمدعي وهو ليس بمتصنع وهو ليس بساع إلى حالته.

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء!

بالرابط أدناه، اغنية للفرقة الافرنجيه "ميج"، بعنوان أغنية المجتمع الحزين

==============================================
(1 ) كلمة الشذوذ تُستخدم بكثرة في وصف المثليه بين الذكور فآثرت استخدام كلمة "الشذوذية" لاعبر عن الحالة الأعم والأشمل كما يتضح من التعريف المذكور أعلاه.

(2 ) review (for example) chapter 11 from DSM-IV-TR® Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders