الأحد، 29 مايو 2016

وصلات لأهم الكتابات


أنت لا تكتب لانك تود ان تقول شيئا،
 لكنك تكتب لأن الكلمات تتفجر من رأسك وحسب.

كارثة غريبة في المسرح الملكيّ
محاولتي القصصية الأولى... قصة تتناول التداخل الغريب بين الواقع والخيال في اطار الاستيعاب العدمي للعالم.



تَحرُّر.. أم إسراف في الكلام عن عدم الاكتراث؟
صيحة تعقل تُنادي الملحد العربي. دعوه لان يغير ما اصابه من سكر وخمول اضاع عليه فرصته الحقيقيه في تحقيق امل هذا الوطن المنعقد على كتفيه.




لا تركض بالعمر، فثمّة فخّ في المنتصف
مابين القصة والقصة القصيرة، نص عن ازمة منتصف العمر التي تهدد مستقبل الشباب المشغول بمطاردة النجاح.



خطاب بخصوص النهلزم (العدميه، او الوجوديه) كنظرة للكون، وما يلازمها من أناركيه (فوضويه) كنظرة للمجتمع. 


مقال الكاتب الانجليزي جورج اورويل عن ماهية العلم الحقيقية، التي تتعمد النخب إلى اخفاءها عن الجماهير في صورة معادلات فيزيائية وكيميائية، بعيده كل البعد عن تلك الماهيه التي اضاءت حياة الانسان بعد قرون من الظلام.



لهؤلاء الشجعان الذين شرعوا للتو في قراءة كتاب ما لـ دوستويسكي أو اي روسي كئيب آخر، هنيئا، ولكن حذار.



مقال ساخر، يتناول المظاهر الهزليه للحياة العسكرية. 



كتاباتي كمحيض فتاه، تباغتني فجأة. اكون متربصا بانهيال سيل الكلمات عليّ. لكنه حينما تتخمر الفكرة في رأسي فيطرد جزء منها ككلمات تود لو سطرت، تتخدر اطرافي ولا اصير قادرا إلا على مواكبة السيل، اكتب دونما شعور مني بالوجود إلا كقلم يسطر الكلمات، إلا كأنني انا الكلمة التي تُكتب، لا كأنني كاتب متغطرس كما يبدو من بعيد.




التحرر الجنسي مدخل اساسي للتحرر الفكري والمادي، فلماذا ننكره؟



نص شعري... عن الموت.



تهمة التكفير، تهمه مرة لاذعه، تحجب االعقل وتُخيفه من التحرر والانطلاق. والحكايه هي هي لم تتغير منذ زمن البخاري إمام الحديث، وحتى زمننا. 



انما نحن، الجيل الصاعد من المصريين والعرب، لسنا سوى انعكاسات لذلك الربيع، لتلك الثورة التي "خلقتنا" من العدم. وفي هذا النص، احكي عن علاقتي الاسيانه بالثورة ودماءها.



الثلاثاء، 24 مايو 2016

خطاب بخصوص الأناركو-نهلزم.


الرفيقة هاجر/

تعرفين، انه حينما ستحل الاشتراكيه الاناركيه محل النظام الراسمالي العالمي، احادي القطب، المتوحش، تعرفين ان يومئذ، سينادي الجميع بعضهم البعض بـ"الرفيق"؟ ستختفي كلمة بيه وباشا. "حضرتك" و"سيدنا" و"صلعم"، القاب ستنمحي تماما من الآربان ديكشناري لذلك العصر، وتبقى في معاجم اللغه فقط، يقرأ عنها مدمنوا التاريخ المؤلم. نعم فحاضرنا هو تاريخهم المؤلم، هؤلاء الذين ورثوا العالم من بعد الثورة الكبيرة، العالميه. ومن بعد حرق المصاحف والسجلات وتحطيم كل الصلبان ودبابير الظباط.

الله قد مات، اعتذر لكي، فنحن الجيل العربي الاول الذي يعي تلك الحقيقة. مع ان جدنا، جدي وجدك، ابو العلاء، الذي سكن معرة النعمان، فسموه المعري، كان قد استوعب كامل الاستيعاب ان الله ميت، بل ومتحلل، تخيلي يا عزيزتي؟ ان الله في قبره مدفون، منذ قرون مضت...

انا احب ابو العلاء خصوصا، لانه دون فلاسفة القرن العشرين النهلستيين، جاء في زمان الصراع التافه والغريب حول خلق القرآن! فابدع! تأملي مثلا قوله: "اما الإله فأمرٌ لست مدركه... فاحذر لجيلك فوق الأرض إسخاطا."

دعنا من هذا كله، دعيني اؤكد لك، قبل اي شئ، ان الحريه ليست مخيفه إلى ذلك الحد... الحرية هي الانسانيه، الانسان قد يقتل، فيبقى انسانا، فيبقى كبقية الحيوانات التي تقتل لتاكل وتقتل لتحمي صغارها، لكن ويلة عصرنا، هي ان الانسان صار يُعذب، صار ساديا مقيتا، وصار كذلك مازوخيا، وهذا لانه مكبوت، ومحكوم...

لهذا، اعلمي، ان القيود وان بدت آمنه، تظل قيود... يقول سيوران: "لا تحبوا قيودكم وان امّنتكم على ارواحكم." واقول: "واكسروها وان سالت الدماء بكسرها..." لهذا مجد امل دنقل الشيطان الذي قال لا. هل تستوعبين الدرس؟  انها حكاية خبيثة، والظن ان الشرير الحقيقي هو من كتب تلك القصة عن ان الأبي المتمرد هو الملعون المطرود من الجنة! تخيلي معي ان مديرك في العمل، يأمرك بالسجود للموظفه الجديده التي "عينها" هو بذاته. اعرفك جيدا واعرف انك ستتمردين حينئذ، لكن إليكي المفاجأة: سيخز في نفسك بعض الالم بعد التمرد، سيؤدبك الضمير! وهذه هي اللعبه الرابحة التي لعبها مهندسوا الاديان، الكهنة والرهبان منذ آلاف السنين. استطيع ان ارى الكاهن الاصلع مرتديا اقمشته السوداء، يحكي بخبث إلى زميله، في ظل شموع مُضاءة باموال الفقراء، عن فكرة، ستحني رؤوس المحكومين للحكام أبد الدهر، عن قصة سيخترعونها، ويُنشئون الاطفال عليها، عن فكرة ستجعلنا نندم بعد كل تمرد، بعد كل صرخة للحق.

هل لاحظتي من قبل، ان الحسين، مولانا الشهيد، لا يُذكر ابدا، لا في السينما ولا في خطب المساجد! لان الكل يريدون يزيد، يريدون القاتل المسيطر ولا يحبذون ثائر كالحسين! لانهم خنازير، مبتذلون.

على كل، على كل حال، يعني في كل الاحول، (كما يغني زياد الرحباني الشيوعي في اغنيته "بما انو") علينا ان نتلقن الدرس جيدا، جيلنا بالتحديد، عليه ان يتحمل مسئولية. مسئولية الحرية واللاانتماء، لاننا اول من تسربت له تلك المعلومة، عبر الويب. فكل محاولات تنوير العقول في الساحة العربيه من قبل قد قوبلت بالرفض والعنف. قتلوهم يا عزيزتي كما قتلوا ابو العلاء وجاليليو.

وخلاصة ما كتبتي، انك تتنصلين من المسئولية، او تخافين منها، في حين ان ما يخيفني، وما اظن انه انكى بان يثير مخاوفك كذلك: هو الكذب والقمع الذي نعيش فيه. فكما يقول سيغموند فرويد: "من يترك المفتاح، لن يستطيع ابدا ان يفتح الباب". كيف نختار الظلام اذا؟ اتعرفين ما الذي جرى للمقيمين في كهف افلاطون، حين علموا ان ثمة اجسام ملونه في الخارج، لقد ركضوا، هربا من الظلال، وطمعا في الحياة والحيوية...

فلندفع ضريبة جيلنا كامله، حتى نسلم مفاتح قريتنا للجيل القادم واضحة، ليأتي الزمان الاخير، اليوتوبيا التي ستحرق الخنازير الذين يعيثون في كوكبنا فسادا.

نحن نقطتين، وامثالنا معنا نكون مجموعة ضئيلة من النقاط، امام هذا السواد والظلام العالمي المهيب. لكن اخبريني، لماذا لا نلعب دورنا؟ لماذا لا نكافح الفكرة، على الاقل في نفوسنا؟ نحن لا شئ وهذا معلوم، لكن كل شئ هنا لاشئ، فتعالي اذن ايها اللاشئ، تعالي نُصارع هذه اللاأشياء الاخرى حتى يبزغ الفجر على لاأشياء المستقبل.... الحياة غريبه ومضحكة، اليس كذلك؟

ملحوظة: احضري معك الكثير من الملابس الثقيلة ومعطف، فالجو هنا قارس البرودة. فالزنازين التي تعج بآلاف المحابيس، دافئة، واحيانا حارة خانقة، لانهم يتنفسون ويعرقون، ولأن لها جدران اسمنتيه سميكة. أما ارض الحرية فلا تزال مهجورة، ناهيك عن اننا هنا نعيش في الطل.

المخلص دائما،
عاصم.


خطاب الرفيقة (الأصلي): أنا لم اقتل الله خوفا على امي

الاثنين، 23 مايو 2016

ربيع الصحراء



  كل البشر يتلذذون بتلك الحرارة في قلوبهم حين يستمعون إلى صوت، إلى رنين احبال صوتيه في صندوق الحنجرة. حين يستمعون إلى تتالي طرقات على لوح خشبي، او موجات الصوت تندفع من مكبر متصل بثمة جيتار، إلى ضوضاء متسقه تخرج عن حركة ميكانيكيه تدور في مكان ما. كلنا نشده وننتبه، ثم نأنس ونأمن...


في معسكرات الصاعقه، حيث قضيت ما لا بأس به من خدمتي، اتوا مرة بفرقة تعزف الموسيقى العسكرية. اللحن العسكري جاف وحاد، لكنه لحن والادوات التي سيستخدمها المزيكاتيه العسكريون (الذين يرتدون حلات عسكرية كذلك، ويزين تراب الوطن احذيتهم ايضا كباقي رجال الجيش) ادوات موسيقيه، سكسافون وطبله ومزمار وطبول صغيره وطبله وحيده ضخمه يمتد دبيبها عدة كيلو مترات في الصحراء الشاسعه. استيقظت يومئذ على هطول "كباية" الشاي إلى ارض الدوشمه (العنبر تحت الارض يُسمى دوشمه)، لان كل شئ كان قد بدأ في الاهتزاز. فحفل تخريج احدى الدفعات قد بدأ للتو. والخطوة العسكرية لألف او ما يزيد تستطيع ان تهز ارجاء المنطقة بالكامل. وخرج فجأة، من غير انذار بخروجه، صوت فض بكارة الصمت الصحراوي الرتيب. صوت خرق آذاننا كصور يوم البعث. ففغرت افواهنا وانتبهنا، ومرت في عروقنا نشوة خاصة جدا. بحثنا وتفرسنا عن مصدر الصوت الرائع القوي. تلفتنا يمينا ويسارا، ثم إلى الاعلى! ان الصوت قد جاء من الاعلى. خرجنا متسربين. ولما تلقينا أول شعاع شمس ابان صعودنا درجات السلم الذي يقود من الدوشمه إلى مستوى الارض، كان "البكباشي" قد تابع النفخ في آلته الضخمه. فانطلق لهيب الصوت مثل كورال كنيسة في عيد الميلاد، ولقد احرق الاتربه والرمال التي تكدست حول اعناقنا. رأينا في الخارج غبارا واتربه، نتجت عن دبيب خطوات المشاركين في العرض. ولاحظنا اعلام الشرطة العسكرية في المحيط. والاهم، اني لاحظت ولا ادري ان كان غيري قد لاحظ، ان كل الجنود المختبئين في كل الدشم، قد خرجو في نفس التسلسل وبنفس التوقيت. مثل وحوش بريه مختبئه في جحورها، خرجت لاستقبال الربيع، في وداعة لا تليق بوحوش، لكنهم مطبوعين على استحسان الجمال بفطرتهم. قد يبدو هذا الوصف كليشيهي لحد بعيد، لكن الموسيقى يومها كانت كما ربيع الصحراء. الصحراء الشاسعه المحفوفه بالافق والمنكسرة اسفل شمس لا تنكسر، والمضروبه بصقيع الليل، التي لا ربيع فيها، فكلها فصل واحد، حار يحرق، وبارد يقشف الجلود، وماؤها لا يُشرب. لكن الموسيقى التي عُزفت يومئذ، فجرت ينبوعا من المسرات في تلك الصحراء البرية القاسيه. لقد شرحت لي تلك الموسيقى الكثير عن الدور الذي كان يقوم به رجل يرتدي عمامه كبيره بعض الشئ يجلس متربع الساقين امام حيه، يحرك اصابعه وينفخ بكل عزمه ليصدر لها تلك النبرات. لقد كانت الحيات والصقور من فوقها في السماء، تستحلي صوت الربيع في مزمار ذلك الرجل. ونحن كذلك يومئذ، لما انتبهنا وصعدنا إلى الشمس، فلم نجدها شمس بل وجدناها شيئا ناعما! شيئا يرقص لتلك النغمات التي طافت في فضاء هذا الصباح.

فقراء، وحاقدين ايضا

   

   لكن لان الحقد حقنا، نحن الفقراء والضعفاء. انه حقنا الازلي، والذي لن نتنازل عنه، سنحقد، وسنبالغ في الحقد، حتى وان شرعوا الف عقوبة للحقد، الاعدام لن يخيفنا، وجهنم، وعيد الحاقدين، لن تصدنا عن الحقد الذي يأكل في قلوبنا. فما ميزتهم كي ينعموا ونتعذب؟ لماذا يتغنجون في الرغد ونفترش نحن التراب ونتلحف بالبرد؟ ما ميزة هذا الرجل السمين ذو الشارب الكث الذي يغطس في طعامه الشهي، اللحوم والاسماك، في هذا المطعم الفاخر في وسط بلدتنا. حتى كلبه، ينول من شهي الطعام نصيب! ثُم يتأففون منا، الفقراء الواقفون امام الباترينه، يحقدون، فقط ينظرون للطعام فيسيل لعابهم، لا يتقدمون خطوة ولا يستأخرون، لانهم ضعفاء ولان هزالهم يحول بينهم وبين ثورة، وبين تمرد، وبين تحطيم هذا الزجاج. فها نحن واقفون خلف الزجاج، فحتى ريح طعامه الشهي لا تصل لانوفنا... لكننا رغم ذلك لا نملك الطعام، فلذا، نحن واقفون، نُشاهد فمه يلوك المُضغة من اللحم ويحتسي اللذيذ من الشراب. ولا نتمنى لاننا نعلم اننا لن ننول، فقط ننظر، ونحقد ثم نصرخ في وجوه بعضنا البعض... وهذا الطفل الذي فقد ساقه، هذا الذي تحمله امه المريضة بسرطان الثدي، التي لا تجد مالا لتطعم ولدها، التي ترفض المستشفيات "الخيريه" علاجها، لان طليقها مسجل خطر، لانه تشاجر ذات مرة مع واحد من البهوات، مأمور احد الاقسام. هذا الطفل، الذي اخذته امه ليبحثا في صندوق النفايات عن بعض القوت، في وسط الشارع، وامام اعين اناس جاحدين. هذا الطفل الذي انشغلت عنه امه لوهله، فراح يلهو في الطريق، فمد يده إلى كلب السيد السمين، يُداعبه مثل اي طفل. فنهره سيدنا المتجه إلى المطعم الفاخر القابع في وسط بلدتنا، لان كلب سيدنا، اهم من طفل برئ، اقصد انظف، والطفل، هذا الطفل يداه متسختان بالقذارة... قذارة من تلك؟ هذا السؤال يجيبنا عنه جارسونات المطعم الفاخر القابع في.. لا يهم اين يقبع، المهم انهم هم من يكبون بالنفايات إلى هذا الميدان... يجمعون بقايا طعام السيد السمين، سيدنا، طعامه وطعام كلبه وطعام زوجته، وطعام بنيه واحباءه (ذكرنا الكلب قبل الزوجة والابنا بغرض الاهانة لان حقدا يحرق قلوبنا) ثم يُلقون به إلى قارعة الطريق. والنية من وراء ذلك حسنة بريئة. خل معي، ما النيه؟ النية والغرض، اطعام المساكين، لكن بشكل يليق بالمساكين. "فلا احد يقدم الطعام لحيوان ضال عند عتبة بيته، بل يلقي بالطعام إلى قارعة الطريق، فتفتش عنه الحيوانات الذليله"-مثل روسي، بتصرف.

  هل فهمت الدرس بعد؟ هل فهمت لماذا نكرههم؟ ولماذا نحقد؟ ولماذا لا نرضى؟ لانه لا تبرير للحال، ولانهم ليسوا افضل بكثير. انهم فقط محظوظون. ونحن... نحن العاهره، والنقاش، وعامل السباكه، ورجل النظافه المسن الذي يتكئ على مقشته فيسقط للطريق، فيصرخون فيه، اتم عملك والا لا نعطيك اجرا، ونترك ابناءك وزوجتك للجوع يتضورون! نحن عاملة النظافة في تلك الجامعه، التي تُنظف حمامات يستخدمها ذكور ذوي بطون منتفخة، واناث ذوي ملابس خليعه. نحن العجز والخيبه وقلة الحيله. نحن من لا يهتم الاغنياء لمآسيهم، حين يعرضون اعلانات المجتمعات العمرانيه الجديده في التلفاز. نحن الجهل الذي يشمئزون منه! نحن الوساخة والقذارة في قاع ذلك المجتمع. ونحن هنا في القاع، لانهم يضغطوننا إليه بشده، لانهم يقفون منتصبين باحذيتهم، وبكعوب زوجاتهم تنغرس في رقابنا. خدم وحشم لهم. نحن الخادمة التي ضربتها ربة البيت حين تحرش بها ابنها. نحن مكتوف الايدي الذي يبيع لك المناديل في حر كوبري الجامعه. هل احكي لك المزيد؟ عن فقرنا وقلة حيلتنا؟ ام يكفيك ان اقول لك اننا نحقد، وان الحقد حيلتنا الوحيده، فتدعني وشأني، ولا تدعوني بسم الصليب ان اهدأ. واتركني لحالي... رجاء اتركني لحالي. فقط اعطني قرشين، حتى اشتري الغداء، فالجوع مؤلم، اكثر من الذل واكثر من اي شئ. فقط اعطني قرشين...